نقلا عن إسلام أون لاين
15/12/2007
يعاني المسلمون في الغرب من مشكلات متعلقة باندماجهم مع الآخر الذي قد يرى في وجودهم تهديدا لاستقراره، لكن القضية هذه المرة مختلفة؛ فالذي يعاني فتاة هولندية دخلت الإسلام عن قناعة، لكن تجد من الجالية المسلمة هناك نفورا وصل إلى حد منعها من الاقتراب من نساءهم، بحجة إنها أجرت عملية تحويل جنس.
معاناة كريمة أو "دينيس" بدأت منذ الصغر واستمرت حتى وصلت إلى عمر 24، بعدها قررت بواسطة أبحاث طبية وعملية جراحية وقبل أن تعرف عن الإسلام شيئا أن تتحول إلى امرأة، ثم تعرفت على الإسلام وسماحته واختارت أن تكون مسلمة على أمل أن يقبلها المجتمع الإسلامي هناك، لكن ليست كل الأماني ممكنة..فالواقع غالبا أصعب مما نحلم به ونتمناه!
فتاة في جسد فتى
كريمة التي ولدت ذكرا لم تكن ككل شاب في سن معينة يشعر بذكورته فقد حرمت من هذا الشعور بحسب قولها: "لقد كنت أحس بأني فتاة في جسد فتى، حرمت مما يشعر به أي شاب في مثل عمري". عاش الشاب الوسيم -كما يحلو لأصدقائه أن يسموه- منفصم الشخصية، بين ميوله الأنثوية وجسده المجسم في جسد رجل، تجرأ الشاب دينس كما كان يسمى في سن مبكرة (13) وأخبر والديه بما يشعر به، كانت الصدمة على الوالدين أكثر من المتوقع، حوّلا ابنيهما الشاب الصغير إلى مستشفى الأمراض النفسية بقصد المعالجة.
تقول كريمة: "تحالف علي في البداية الأطباء والأقارب والمجتمع وزملاء المدرسة حتى ضاقت بي الأرض بما رحبت وفكرت مرات في التخلص من نفسي". ولكن روح التحدي عند كريمة لم تمت وحاولت بكل الطرق أن تتأقلم مع واقعها كطفل أو شاب كابحا كل مشاعر الأنوثة داخله، مسايرة بذلك خلقتها المجسمة في شكلها الرجالي أو الذكوري، ولكنها في لحظة من اللحظات وجدت أنها تكذب على نفسها ولم تستطع أن تتعايش مع هذا الانفصام في الشخصية.
تحول إلى أنثى
بعد صراع داخلي حتى سن الثانية والعشرين حيث أصبح "دينس" الشاب ولي أمر نفسه، اتجه إلى طبيبه الخاص في العاصمة أمستردام ليعرض وضعه عليه طالبا دراسة إمكانية التحويل إلى أنثى، البحوث والدراسات دامت حوالي سنتين بعدها قرر الأطباء أحقية دينس في أن يكون أنثى، يقول الطبيب: إنها بقيت تحت التهيئة النفسية والتقوية الهرمونية حتى يتأكد من نجاح التحويل، أما كريمة في هذه الأثناء فكانت قد اختارت أن تكون كما هي وليس كما تراها أعين الناس، وأقيمت لها عملية تحويل كاملة في سن الرابعة والعشرين اعتبرها طبيبها ناجحة.
وتلقت الفتاة المحولة متابعة وعناية مكثفة فتقول إنها بعد هذا التحويل بقيت تتلقى معالجة نفسية وتناول لحبوب مساعدة، وتعلق كريمة على صعوبة اتخاذ القرار بقولها: "قراري لم يكن بالسهل ولذلك تحملت تبعاته واخترت أن ألحق بقرار تحويل جسدي الخطأ جملة من الأشياء مثل التعود على مواصفاتي النسائية واختيار العمل الذي تعرف به النساء وارتياد الأماكن النسائية ومصادقة الفتيات وارتداء ملابسهن".
تحول إلى الإسلام
تواصل كريمة: "كان قد مضى على تحولي 6 سنوات كنت أعتقد أن التحول قد يحل لي العقدة ولكن على العكس من ذلك خسرت كل من أعرف بسبب قراري هذا، ضاقت علي الدنيا بما رحبت؛ فجميع العلاقات التي أبنيها أخسرها بمجرد أن يعرفوا بقصتي". غير أنه بحكم شغل كريمة والتقائها بعدد من المسلمين والمسلمات وجدت فيهم انفتاحا في البداية وقبولا أكثر من غيرهم ومن هناك بدأت رحلتها مع الإسلام.
تستطرد كريمة: بحثت في المصادر الإسلامية فلم أجد الحالة بعينها ولا التفاصيل بعينها، ولكن وجدت مبدأ يقوم عليه الإسلام شدني إليه وهو مبدأ سماحة الإسلام، زاد من هذه القناعة حديثي مع شابات مسلمات عن الإسلام دون معرفتهم بقصتي، وكيف أن الإنسان عندما يدخل إلى الإسلام يكون صفحة بيضاء.
لم أروِ لهم قصتي في البداية خاصة أنها غريبة حتى على الهولنديين أنفسهم فلم يستسيغوا ما فعلته على الرغم مما يعرف عنهم من تسامح.
تقول كريمة: عندما انجذبت إلى الإسلام بدأت أقرأ القرآن والكتب الإسلامية حتى أزداد معرفة وزادني القبول الذي وجدته داخل مجتمع المسلمات ومن وقتها ذهبت إلى أحد المساجد المعروفة وأعلنت إسلامي وصليت مع النساء، مرتدية الحجاب ثم النقاب في مرحلة ثانية، وجدت مساعدة ومشرفة تتابع أحوالي وترشدني حين يضيق علي الأمر.
وتضيف كريمة: ومع كل احتكاك بالمسلمات بدأت تغلب العادة على المبدأ الذي سمعته وعرفته في البداية عن الإسلام، في إشارة منها إلى ظهور مشاكل ثقافية وعادات اجتماعية على مبدأ سماحة الإسلام وكرمه الذي منه اختارت اسمها.
بعض النساء بدأن يتحدثن عني وليس معي، أخريات يعللن عدم مجيئهن إلى المسجد بتجنب الصلاة إلى جانبي، وأخرى حكم عليها زوجها ألا تتحدث معي، وأخرى توقف صداقتها بي لأن ذلك يسبب لها مشاكل أسرية، بل إن وجودي في المسجد أصبح علة لكثير من النساء بترك المسجد.
كل هذا كان يؤثر على كريمة التي أصبحت تتضايق هي نفسها من وضعها، أخذها الفضول إلى الحديث إلى الإمام الذي كان مسرورا وسعيدا بإسلامها وشكت أمرها إليه عله يساعدها من خلال سلطته في المسجد، إلا أن الإمام نتيجة الشكاوى المتكررة من أزواج النساء والنساء أنفسهن اقترح على كريمة حفظا لها وصيانة للجماعة أن تنفرد بقاعة صلاة منفردة فلا هي مع النساء ولا هي مع الرجال، كريمة قبلت بالمقترح على مضض وإلى حين، مخافة أن تتسبب في إحداث شرخ داخل الجماعة ولكنها لم تكن راضية عن الوضع لأنها امرأة مثلهن.
وترفض كريمة أن تذكر اسم المسجد مخافة أن يؤدي ذلك إلى مزيد من التشويه لصورة الإسلام والمسلمين، ولم تدم عزلة الانفراد بقاعة صلاة منفردة طويلا لأنها قررت ترك المسجد إلى مسجد آخر لا يعرفها فيه أحد ولكن بقيت قصتها تتناقلها الألسن.
وصلت كريمة إلى مسجد جديد بشعور جديد تستطيع من خلاله أن تزيد من ربط علاقتها بالله كما تقول، غير إن إرثها أصبح يلاحقها وفي وقت وجيز أصبح صيتها محل حديث الرجال والنساء في المسجد، ليطلب مسئول المسجد لقاءها ويطلب منها بكل أدب مغادرة المسجد؛ لأنه بلغه أن رجلا يرتدي ثوب امرأة يتردد على المسجد، ويضيف أن مسجده لا يتحمل مثل هذه القضايا الخلافية.
وفي ردها على أيهما كان أصعب على والديها اختيارها الإسلام أو أن تصبح امرأة؟ تقول كريمة: "تحولي إلى امرأة أمر هز عائلتي، ولكن تحولي إلى الإسلام كان أشد عليهما". تروي كريمة الهولندية وتقول: أنا أحيانا أجد نفسي بين نيران ملتهبة؛ فالمجتمع ينظر إلي على أنني إرهابية أحمل فوق جسدي برقعا، والنساء ينظرن إلي على أنني رجل على الرغم من مرور ست سنوات من هذا التحول، والمساجد تلفظني ولم أتلق الترحيب الذي كنت أتمناه وأتوقعه من دين بهذه العظمة فماذا أفعل؟.